الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

خناقه ثلاثيه وابو صلاح السبب



الساعه 7 الصبح والواحد صاحى بدرى – وده اساسا نادرا لما بيحصل - الشمس لسه بخيرها كده والحياه عنب ..... قلت لنفسى ياواد فرصه البيت فاضى وانا لوحدى يبقى لازم نستغل الموقف ده بقى ..... كوبايه شاى بحليب وساندويتشين ودخلت الاوضه اقضى الوقت ده انا وكتاب الجراحه اللعين ..... شغلت البلاى ليست

وقلت ابدأ بقى وبسم الله .... والاقى صوت عمك صلاح جاهين بيقول

خـوض معركتهـا زى جـدك مـا خاض
صــالب وقـالب شـفتك بامتعـاض
هـى كـده . . ما تنولش منهـا الأمـل
غير بعـد صـد ورد ووجـاع مخـاض

عـجبى !!

ولقيتها بصراحه فرصه الواحد يتلكك وامارس هوايتى المعتاده فى السرحان – وما احلى السرحان خصوصا وانت بتذاكر – وافكر ف كلام عمنا صلاح شويه .... وراح طالع عمنا بتاع الجنب الشمال وسألنى سؤال ...

= وليه وجع القلب اساسا وبعد ده كله هيحصل ايه يعنى ما انت عارف ديتها يا ابنى الدنيا دى مش لينا ... وراح ممصمص شفايفه وقايلى .... تعرف لو كانو اخترعوا أله الزمن بتاعه عمنا هربرت جورج ويلز اللى قريتلى عنها زمان دى كان الواحد يرجع لورا كتييييييييييير .... يروح يعيش فى زمن تانى .... الاغريق مثلا ياااااااااه ده كان الواحد عاش يومين حلوين ... ناس كده دماغ فلاسفه بقى وحياه حلوة نضيفه كلها خير

وطبعا رغم انى مش موافق على الكلام اللى هوا بيقوله بس لقيت نفسى بقف لثوانى مع نفسى .... اصل الكلام ده سمعته كتير قبل كده .... ياما شباب قالوة ضمن احلام الهروب من الحياه اللى احنا عايشينها بكل ضغوطها ومشاكلها سواء فى دردشات ع القهاوى او النت او حتى فى الالعاب الاكثر شعبيه واللى بتعتمد على عامل خلق العالم الموازى المستمد من الازمنه المختلفه ..... وقبل ما ارد عليه الرد اللى انا عارف انه هوا نفسه وكتير جدا شايفينه مجرد كلام فى الهوا لقيت اخونا التانى بتاع اليمين بيسبقنى ويبدا الخناق اللى داير معاه جوايا من زمان

== اله زمن ايه بس واغريق مين .... بطل هروب وسيب الزمن فى حاله العيب مش فيه العيب فى البنى ادمين

ولقييت نفسى بتقمص دور حكم كروى- من بتوع اوربا دول اللى يخوفوا مش من بتوع لجنه الحكام - وبصفر قبل ما يمسكو فى بعض وانا مش ناقص

جايز يكون كلامه فيه جانب من الصواب بس انا برضو مش موافق .... ولاول مره فى التاريخ اتفقوا عليا واحد عوجلى بقه والتنى رسملى تكشيره غريبه على وشه بس على مين

انا فعلا مش موافق معاهم هما الاتنين ولو كانت اله الزمن موجوده كنت هختار انى افضل فى زمانى ده واعيشه رغم كل العيوب اللى فيه ..... انا عندى فى الموضوع ده رأى ومتمسك جدا بيه ...... المشكله عمرها ماكانت زمن ولا ازمه اقتصاديه وبطاله وعنوسه والجنيه اللى غطس ما قبش ولا توريث ولا فى بوش واوباما ولا حتى منتخبنا اللى مش عارف يوصل كاس العالم ولا حلها اننا نسيب زمنا ونهرب لان كل زمن ليه مميزات وعيوبه وليه ناسه يعنى بتوع الاغريق ما كانوش عايشينها فى سعاده وهنا ع طول ولا الناس فى اى زمن تانى على مدار التاريخ البشرى كانت كل ايامهم هنا وسعاده واحنا بس الجيل المنكوب اللى جه فى زمن عجيب وده برضو مش معنها ان العيب فى البنى ادم بشكل مطلق لا ..... ربنا خلق كل واحد فينا لهدف معين فى الحياه ... دور بطوله مكتوب لنا اننا نمثله ..... احنا بقى بنفضل نبص حوالينا ونركزفى تفاصيل ,نشغل بالنا بحاجات, وندور على اجابات لاسئله مش مفيده ولا ليها اى لازمه ..... ليه نعقد حياتنا ونضيع على نفسنا فرصه اننا ناخد بالنا من الرسايل اللى ربنا بيبعتها من السما ..... مفتاح اللغز مدفون جوانا فى سرداب عميق ..... رحله لازم ناخد القرار بأننا نبدأها واكيد هنشوف حاجات كتير فى الرحله دى ,هنتعلم حاجات , وهنقدر نوصل بحياتنا لصيغه تخلينا نعيش احسن كتير وسط كل العوء اللى داير حوالينا فى الدنيا ده ...... وقبل ما حد فيهم يرد عليا وبمنتهى الديكتاتوريه طردتهم منى وحطيت دماغى فى وسط كتاب الجراحه يمكن اخلصه وصوت على الحجار مع عمنا صلاح جاهين بيقولى

أنا اللى بالأمــر المحــال اغتـوى
شـفت القمـر نطـيت لفوق فى الهوا
طـلته مـا طـلتوش إيه انـا يهمنـى
وليـه
ما دام بالنشـوة قلبـى ارتوى

عـجبى !!

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

حياه جديده



فى المرأه الزجاجيه التى تحتل الجانب الاكبر من التركيب الداخلى للمصعد فى ذلك البرج الحديث أخذت تتأكد من هندامها .... تعدل خصلات شعرها المتناثره بفعل هواء الشتاء البارد ..... تتأكد من المكياج الهادئ الذى وضعته بعنايه قبل ان تخرج من منزلها ... ترسم على ملامحها ذاك القناع الذى اعتادت ان ترسمه لتعزل عن الجميع النيران التى تشتعل بداخلها ........

بخطواتها البطيئه الهادئه اخذت تقطع المسافه الفاصله بين المصعد وغرفه مكتبه ...... ليست بالمسافه الطويله ولا بالمتناهيه الصغر .... اعتادت عليها من المرات التى زارته فيها بمكتبه ..... اخذت تستكمل فى طريقها مهمه اتقان رسم قناعها ...... تستجمع ذاكرتها لتحضر الحديث الذى امضت ليلتها الماضيه فى التدرب على القاءه ...... المهمه ليست سهله وتود الانتهاء منها سريعا وبأقل اخطاء ..... ردت التحيه بهدوء على احدهم خرج من احدى المكاتب مشتتا تركيزها ..... قبل ان تطرق بيديها الباب وتحركه داخله قبل ان تسمع اى صوت اجابه يأتيها من خلف الباب

رسمت ابتسامه رقيقه شهيه على وجهها وقابلت بها الفتاه التى تجلس على مكتب السكرتاريه .... كانت قابلتها عدت مرات من قبل دون ان ترتاح اليها .... بحديث مقتضب اخبرتها برغبتها فى مقابله رئيسها مع الاعتذار عن الحضور بدون موعد

= اتفضلى حضرتك اقعدى الاستاذ عنده اجتماع اول ما يخلص حضرتك تقدرى تقابليه

ودون ان تكلف نفسها عناء الرد او الابتسام رمقتها بنظره سريعه وايمائه خاطفه من راسها والقت بنفسها على الكرسى الجلدى المقابل لمكتب السكرتاريه وهى تطلب منها فنجانا من القهوه المظبوط ......

لتمضيه الوقت كانت ممكن ان تفتح مع الفتاه فى اى حديث تافه ....... ولكنها فضلت الاستمتاع بهدوء المكان ورشفات فنجان قهوتها لتمنح ذهنها بعض الراحه

بطيئا مر عليها الوقت ...... حتى ايقظها صوت الباب الخشبى وهو يفتح وصوته يلقى بتعليمات نهائيه على مرؤسيه قبل ان يرحب بها بلهجه يشوبها الكثير من الدهشه

= يابنتى انت مش كلمتينى الصبح ليه مقلتيش انك جايه

وقبل ان تجيب عليه كان قد افسح لها طريقا لمكتبه واخبر سكرتيرته بمنع الاتصالات عنه حتى ان يخبرها

جلس على الاريكه المقابله للمكان الذى اختارت ان تجلس عليه بعد ان اغلق الباب الخشبى ...... ببعض من المزاح سألها عن سر الزياره السريه المفاجئه تلك محاولا اخفاء الدهشه والقلق الذى باحت به احرف سؤاله

اخرجت من حقيبتها علبه السجائر الذى يعلم انها لا تشربها الا اذا كانت تمتلئ بالتوتر والقلق .... سحبت سيجاره من العلبه واشعلتها وهى تسحب منها نفسا بطيئا وتخرجه بهدوء مصطنع - تدربت عليه طويلا بالامس - موجهه حديثها اليه معتذره عن الحضور بهذا الشكل رغم ادراكها انه مشغول ...... وعدته بعد الاطاله وتعللت برغبتها فى بقاء الامر سرا بين جنبات هذه الغرفه فقط

= قلقتينى انت كده اكتر .... حصل ايه بس

قامت من مكانها واخذت تدور فى الغرفه وهى تزفر انفاس سيجارتها بتوتر بالغ اسقط عنها كل الاقنعه التى كانت ترسمها بعنايه ..... انتقل الى صوتها اضطرابها وهى تجيبه

== بحبك ...... اه بحبك

القتها وهى تلقى بنفسها على الاريكه غارقه فى دموع صامته

دقائق بطيئه مرت فى صمت قاتل لم يقطعه لثوان قليله سوى صوت القداحه وهو يشعل سيجاره من علبتها ......

********************************************************

نهار صيفى حار ...... موعدها معه حدده هو فى السادسه مساءا ..... تجلس فى المطعم من الرابعه ...... فى انتظاره وشغلا للوقت قررت ان تعيد استحضار ما امضت الجزءالاكبر من ليلتها امس فى تحضيره لتقضى على الخجل الذى يبقى على العلاقه بينهما كل هذه المده دون اى تتطور ..... ما الضرر ان تبدأ هى وتخبره انها تحبه

== ايوة مفيهاش حاجه يعنى اول ما يجى هخبطهاله كده ع طول .......... انا بحبك سهله اهى .....

عدم ثقتها فى جراتها جعلها تحاول الهدوء وتكرار الجمله اكثر من مره داخلها ...... ماذا ستنتظر اكثر من ذلك ..... منذ اليوم الاول للقائها معه وهى تشعر بالارتياح اليه ..... ومع تعمق معرفتها به اصبحت ترى فيه شابا جذابا ....... مثقف ,متفتح العقل , يحترمها , تراه الرجل المناسب الذى تتمنى ان تكمل حياتها معه ...... غيابه عنها الشهر الماضى جعلها تدرك مكانته فى قلبها ....... مابين المرتين التى رأته فيهما لدقائق قليله كانت الايام تمر عليها ببطء ..... كانت دوما تشعر بأن شيئا ينقص يومها ..... وتشرد كثيرا فى احلى ايامها التى كانت تمضيها معه ..... والتى ربما اضاعتها ولم تكلف نفسها عناء معرفه حقيقه الشعور الذى ينتابها .....

ملمس ناعم لكفين رقيقين التفا حول عينيها تحفظه جيدا .... وصوت دافئ يداعبها تميزه من بين الف صوت اخرجها من كل تلك الافكار ..... ازاحت الكفين من على عينيها وهى تدير راسها مبتسمه فى وجه صديقتها المقربه " ليلى " وهى تبدى دهشتها عن كيفيه معرفه مكانها وهى التى لم تخبر احدا انها ستكون هنا

= مروان قالى انك هتكونى هنا وطلب منى اجى اقعد معاكى لانه هيتأخر فى الشغل ...... وطلب منى كمان اقولك ع المفاجئه اللى جايبك النهارده عشانها

شريط العام الماضى بأكمله مر امام عينيها سريعا بعد ان القت عليها صديقتها قنبله الخطبه المنتظره ..... بكل ماتبقى لديها من قوة حافظت على الابتسامه العريضه..... دارت كل ما يدور بداخلها بقناع من البهجه والفرح ابتهاجا بالخبر السعيد .... امضت قليلا من الوقت ثم تهربت من انتظار مروان وغادرت ...... فى الطريق لم تتمكن من ايقاف سيل الدموع المنهمر من عينيها فقط حاولت التماسك حتى تتمكن من السيطره على عجله قياده السياره ...... وحينما تأكدت انها اصبحت وحدها لم تمنع نفسها من اى شئ ..... اخرجت اهات حزنها بصرخات ملتاعه ..... القت كل ماطله يديها .... انهارت منزويه فى ركن الغرفه منهكه, مبعثره الشعر , دموعها ماتزال ترسم بالكحل خطوطا سوداء على بشرتها البيضاء ...... كيف غفلت عن ادراك الحقيقه منذ البدايه رغم انها كانت ساطعه كالشمس .....؟!! عرفته عن طريقها .... عائلته تربطها صداقه قديمه بعائلتها ..... دائما كانت هي القاسم المشترك فى كل مشاهدهما سويا ..... تتذكر الان كل ما كانت تتغافل عنه وبوضوح

فى الخطبه كانت رفيقه كل الخطوات ..... شراء الدبل وحتى تجهيز العروس قبل الحفله ....... الحب الذى رأته فى ملامح ليلى ومروان جعلها تبقى امر حبها له سر حياتها الابدى ...... تعانى وحدها الام التجربه وتحاول انت تنسى ....... ولانها الصديقه المقربه لليلى وكذلك لمروان رافقتهما فى مشوار حياتهما خطوه خطوه ..... انشغلت بحياتهما عن حياتها ...... ايام كثيره امضتها فى حل مشكلات كادت ان تعصف بزواجهما ..... وايام اخرى باتتها وحدها تبكى دموع قلبها المكسور الذى يرفض ان ينسى ....... كانت اول من حمل الرضيع الصغير ابنهما ...... رأت فيه حلمها الذى كانت تحلمه .... انشغلت بتربيته واهتمت به ربما اكثر من صديقتها نفسها ..... صارت سببا فى بقاء تلك الاسره هانئه وسببا فى بقاءها تعيسه بائسه

**************************************

مد يده اليها بكوب النسكافيه الخالى من اللبن الذى احضرته السكرتيره منذ دقائق قليله .... وارتشف من قهوته المظبوطه رشفات قليله ....قبل ان يعيد تأملها من جديد لم يكن قد نبس ببنت شفه طوال حديثها ..... فقط يستمع ويراقب الدموع المنسابه وهى ترسم بالكحل خطوطا سوداء على الوجه الابيض ..... افاق من شروده على صوتها

== هجاوبك على سؤالك قبل ما تسأله .....

لم تكن تهدف من وراء الحديث هذا ان تكون الزوجه الثانيه ..... او حتى ان تحل محل " ليلى " كزوجه له ..... لو كان ذاك هدفا تسعى اليه لكان سهلا عليها ان تفعله قبل كل ذلك ....... هى فقط كانت تريد ان تغلق صفحه حياتها الماضيه دون اى بقايا قبل ان تبدأ صفحه حياتها الجديده ...... تطلب حلا من وعد قطعته له دون حتى ان يكون قد علم به طوال تلك المده .... تقدم لخطبتها شريك مروان الجديد ...... شاب ناضج .... تميل اليه بعقلها كثيرا وبقلبها ايضا ..... وتريد اتمام المسأله ..... كانت فقط تريد ان تنهى هذا الامر ..... تقطع كل خيوط الماضى المهترئه ..... قبل ان تعطى ردا نهائيا فى امر زواجها ......

اخرجت من حقيبتها مناديل ورقيه وعلبه مساحيق التجميل ..... مسحت خطوط الدموع السوداء من على وجهها الابيض ..... زفرت بأرتياح ..... ابتسمت اليه كما اعتادت وهى تحمل حاجياتها نحو المرأه المعلقه فى طرف الغرفه .....

== كلم مراتك وقولها انى هحتاجها معايا كتير الفتره الجايه

ادارت اليه ظهرها .... وهى تسمع صوت حديثه مع زوجته ....... امام المرأه ابتسمت لنفسها بنشوه وهى تتأمل لمعه عينيها واللون الوردى الذى يرتسم على وجنتيها ..... شعور الراحه الذى يتسلل اليها بخفه يملأها بالبهجه ...... الأن فقط ادركت بعد ان ازاحت ذاك الهم من قلبها ان السنوات التى امضتها لم تضع هدرا ..... لم تكن فقط للبكاء على اطلال حب مضى ..... اكتشفت انها كانت تعلم فيها نفسها كيف تحب وتعطى ...... تفهم كيف تقرأ ابجديه حياتها ...... لتستطيع ان تتواصل وتسطر ما تشاء على صفحات حياتها الحقيقيه

بأيماءه رضا لنفسها اخذت ترسم بعنايه على وجهها الابيض الرائق خطوط والوان فاتحه ..... صورتها التى قررت ان تبدأ بها

حياة جديدة

تمت.

دماء ... دموع


ارتعد .... وارتعد ....منذ ان جرى بيننا ذاك الحوار فى تلك الليله وانا ارتعد .... جاهدت كثيرا حتى لاتظهر دموعى .... نجحت بأعجوبه فى كتمانها رغم انها كانت تنساب بحورا داخلى ....... وجهى خيبه الله فضحنى ..... بان عليه سريعا انى اخاف من حديثه هذا .... ورغم انه اقسم لى مرارا وتكرارا انه فقط يضع نفسه فى تلك الحاله .... تستهويه .... فقط يفكر ولن ينوى مهما حدث التنفيذ ...... ورغم انه ادار دفه الحوار بعيدا عن تلك الجهه وصرنا نتحدث عن اشياء اخرى هدأتنى قليلا .... الا اننى ظللت وقتها ارتعد ..... والان وحين تذكرت حديثه مره اخرى ..... خفت عليه كثيرا ..... وبدات ارتعد .....

********************

اجلس وحدى فى ظلام صامت منذ الليله الماضيه ..... ومازلت على تلك الحاله حتى الان .... افكر منذ امس فى نفس الفكره ..... احاول قدر الامكان ان اسيطر على انفعالاتى حتى لا يجرفنى التيار واقدم على فعلتى الاثمه .... اشعل ضوء الغرفه واغلقه مرارا وتكرارا حتى اصابنى الملل ...... حاله اكتئاب .... ايقن ذلك ولا انكره.... تختلف كثيرا عن مراتى السابقه ..... رغم كل ماشعرت به ........ الا اننى الان مختلف ....... الصوره قاتمه اللون بلا اى خطوط بيضاء ..... فكرت كثيرا فى الانتحار .... اوقات من اجل التفكير ..... واوقات اخرى من شده ماكنت امر به .... الامر اليوم تعدى من مجرد التفكير ..... اشجع قرار يتخذه شخص مجنون ..... كم من المرات تفوهت بها ...... انا مجنون .... لاكننى فى ذاك الامر لم اكن ابدا شجاع .....

اجلس الان فى ضوء شمعه قاربت على الفناء ..... اضع امامى سلاح ابى الذى احتفظ به من بعد وفاته ...... ضوء الشمعه يسقط على جزء واحد منه ويكسبه احساسا مثيرا بالرهبه ..... يسقط على جانب وجهى المظلم .... ويترك جانب اخر فى الظلام ...... كيف يجرؤ احدا على ان يفعلها ...... حرمانيتها لم تشغلى فكرى يوما ..... لا انكر انها كذلك .... لكنى اراها من زاويه اخرى دوما ...... كيف يتخلص ايا كان من ماديته مره واحده ... اى شجاعه تلك التى واتته وجعلته يفعلها ...... اى نزق من الجنون يدفعه الى ان يتلاشى ..... يقبل بكل سهوله الى عالم يعلم انه مهما شطح بخياله لن يدرك اى من ابعاده ...... يفقد احساس الحياه وماديه الوجود

لالالالالالالالالا ..... استعيذ بربى من ذاك الوسواس ....... اقاوم نفسى بشده ....... اقوم وابتعد ......... اعود وأتأمل ذاك الجسم المادى الصلد الموضوع امامى .... لايشعر بشئ مما انا فيه .... لايشعراحدا بما انا فيه .... يقينا انا سبب كبير فى كل ما انا فيه ..... اخطاء فى الماضى ..... نتائج منطقيه ..... لا الوم احدا ..... ولا حتى الوم نفسى ....... الصداع يتملكنى ...... يكاد يفجر رأسى ...... اغمض عينيى ..... احاول بما تبقى لى من مقاومتى المنهاره ان اسيطر على نفسى خلِّصني بفضلك يا أبانا الذي في السماوات ,تقدَّس اسمك,من حرقة الذكريات العاصفات بقلبي .. هَبني يا إلهي ميلاداً جديداً أعيشُ به من غير ذاكرة ........ (1) ضوءالشمعه يخفت ..... تكاد ان تتلاشى ..... ترتعش يداى .... احركها ببطء نحو مصيرى ..... صوت يتردد فى اذنى بلا توقف ..... افكارى كلها تتلاشى ...... صوت مكتوم .... دخان متتطاير .... دماء متناثره فى المكان ...... يتلاشى .... ويتلاشى ضوء الشمعه .... ويعاود الظلام الصامت احتلال المكان

******************

ارتعد .... وارتعد ...... لا اقاوم دموعى ولا امنعها من الجريان ..... اكاد اجن من هول الخبر ..... اصلى من اجله باكيه ....... دموع منثابه لن تعيده الى الوجود بعد ان تناثرت الدماء

تمت ...

(1) من روايه عزازيل للكاتب يوسف زيدان