الشمس في كبد السماء.... اشعتها الساخنه تلهب الجو .... تزيد من عطشه .... عرقه...... غضبه
خطواته تثير من حوله الرمال ...... تملا عينيه ..... انفاسه ..... تزيد من ضيقه ..... اشباح ظلال يصنعها مرتفع رملي اتجه اليه لينعم ببعض الراحه ..... يسير منذ الليله الماضيه دون توقف
اسند جسده المتعب على الرمال الساخنه ..... أفرغ جعبته .....قطرات قليله من الماء هي كل ماتحويه قربته ..... بقايا طعام هي كل مايملك ..... خمسه ايام له في تلك الصحراء اليوم اخرها حسب تقديرهم لابد ان يكون كذلك والا ستكون نهايته .....
صحراء قاحله عليه ان يقطعها ..... رغبه فى الخلاص منه يقابلها ان يخلد اسمه فى حكايا العجائز للاطفال الصغار ..... رأها ترتسم فى عيون شيوخ القبيله رغم دموع التماسيح التى انهمرت من عيونهم ليقبل الامر ...... ورغم الكلمات التى تسابقو فى صياغتها وصفا لشجاعته وبطولته ولكنه كان يدرك السبب ..... اخوه
الم يكن اخوه اول من ظهرت عليه اثار ذلك المرض اللعين بعد عودته مباشره من رحله صيده الاخيره ........الم تصب زوجته واولاده قبل ظهور الاعراض علي جيرانهم وكان هو الناجي الوحيد ..... اذا فمن الطبيعى ان يسدد هو الدين ..... يبحث عن طبيب فى البلاد خلف الصحراء .... لان الداء خطير وربما يقضى على القبيله كلها ...... اصوات الهمهمات التى سمعها فى صمت الناس التى قابلها بعد خروجه من خيمه شيخ قبيلتهم أكدت الحقيقه التى ذكرها امام شيخ القبيله ...... لم ينجح احدا من قبل عبور تلك الصحراء انها سر بقاء قبيلتهم فى مأمن طوال السنوات الكثيره الماضيه ...... وعليه بعد ابتسامه شيخ القبيله المقيته تلك ان يوافق ويبدأ رحله موته ...... لماذا يقدم على ذلك من اجل ماذا ...؟!
انه يمقت هذا الاخ سبب تعاسته الدائم لا بل يمقتهم جميعا .... اجل هم السبب ..... عاداتهم , تقاليدهم احكام مجلس قبيلتهم الاعظم هي السبب ..... جعلت للاخ الاكبر اليد العليا في كل شيء الميراث الحكم حتي الزواج ....
حياته كلها رهن باشاره الاخ الاكبر يعيشها كالخدم في بيته يعمل كالاجير معه محروم من مال ابيه مجبر ان يري حبيبته تأوي كل ليله الي فراش اخيه بدلا من فراشه ..... رغباته يجب ان تحترم وكانها قانونا الهيا اما رغباته هو فلا شئ
والان عليه ان يواجه هذا المصير من اجل هذا الاخ الاكبر
مجلس القبيله اجتمع ليجد حلا لتلك الماساه وباء خطير ينتشر سحره القبيله فشلوا في العلاج.... سحره القبائل المجاوره رفضت القدوم خوفا من انتقال العدوي لابد من عبور الصحراء واحضار ما يطلق عليه البيض طبيبا من اقرب المدن ..... وبعد التفكير الطويل وقع عليه الاختيار .....فكر انها ربما كانت محاوله للتخلص منه حتي تؤول املاكهم بعد وفات اخيه الاكبر الى مجلس القبيله ولكن لابد ان يقبل قرارات مجلس القبيله اوامر الهيه وسيحكمون عليه بالموت لو رفض .....
ماذا سيحدث اذا لم يعد فكره شيطانيه اجل لماذا لا يهرب سيظنون انه مات في الطريق فليتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم مع هذا المرض ولتنقذهم الهتهم التى ظلمته طوال ماضيه من الموت ...... قرر الرحيل وابلغ مجلس قبيلته بموعد السفر .....رافقه الجميع نحو بدايه الصحراء .... هناك من تمنى له التوفيق من قلبه .... وهناك من لمح فى عيونهم ابتسامه صفراء يفهم مغزاها جيدا .... لم يهتم بشئ .... لا بتاريخ القبيله التى لن ينسى له موقفه .... ولا بقصص العجائز واهازيج الاطفال ..... كان يفكر فى المدينه خلف تلك الصحراء .... يظن اغلبهم انه على وشك بدايه رحلته نحو الموت .... اما هو فكان على يقين انه يبدأ رحلته نحو الحياه .... حياته هو وحده
عند هذا الجزء حرك عضلاته المرهقه .... قام من رقدته على الرمال .... واخذ يكمل السير نحو نهايه الطريق
الشمس في اتجاها نحو المغيب صداع يضرب راسه خطواته بطيئه عينيه زائفتان عرقه يزداد اقدامه بائسه انفاسه بطيئه وجهه يلامس الرمال يزحف ساحبا جسده بصعوبه ...... نسيم عليل يستشعره على وجهه .... صوت جريان مياه نهر قريب ..... ظلال ابتسامه تظهر علي وجهه ....... عيناه تلمع سريعا فقد انتهت رحلته ..... وبدأ من تلك اللحظه طريقه ....
طريق الحياه
تمت